الفنان التشكيلي حسن عسيري، الذي غادر دنيانا مخلفًا وراءه إرثًا فنيًا غنيًا ومتفردًا. لم يكن عسيري مجرد رسام ، بل كان مؤرخًا للذاكرة الشعبية، وموثقًا للتراث العريق لمنطقة عسير بشكل خاص، وللجزيرة العربية بشكل عام .
تميزت أعمال الفنان حسن عسيري بأسلوب فريد يمزج بين التعبيرية والتجريدية، معتمدًا على الألوان الترابية والدافئة المستوحاة من بيئته الجنوبية. كانت لوحاته نافذة على الماضي، تحكي قصصًا عن الأجداد، وتجسد تفاصيل الحياة اليومية في القرى والحواضر القديمة. يمكن للمتأمل في أعماله أن يرى بوضوح شغفه بتوثيق العمارة التقليدية، والأزياء الشعبية، والعادات والتقاليد التي بدأت تتلاشى مع مرور الزمن.
لم يكن تركيز عسيري على الجماليات السطحية فحسب ، بل كان يغوص في عمق الموروث الثقافي ، مستلهمًا من الفولكلور والحكايات الشعبية. كانت شخصياته المرسومة تحمل في ملامحها تجاعيد الزمن ، وحكايات الصبر والمقاومة، والعلاقة الوثيقة بين الإنسان وأرضه. لقد كان فنانًا يؤمن بأن الفن ليس مجرد زخرفة، بل هو وسيلة للحفاظ على الهوية والتاريخ.
شاركت أعمال عسيري في العديد من المعارض المحلية والدولية، ونالت إعجاب النقاد والجمهور على حد سواء. كانت له بصمة واضحة في الحركة التشكيلية السعودية، حيث ساهم في إثراء المشهد الفني بأسلوبه المميز ومواضيعه الأصيلة. كان فنانًا متواضعًا، لكنه كان عملاقًا في إبداعه ورؤيته.
برحيل حسن عسيري، خسر الفن التشكيلي أحد أبرز رموزه الذين نذروا حياتهم لخدمة الفن والتراث. لكن أعماله ستبقى خالدة ، تشهد على موهبته الفذة ، وإخلاصه لتراث وطنه ، وتلهم الأجيال القادمة للحفاظ على هذا الإرث الثمين . رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .
بقلم: ياسر عسيري