شهدت الساحة الفنية مؤخراً إضافة نوعية جديدة، تمثلت في إطلاق الأغنية المنتظرة "لاتغيب عني وتروح"، وهي ثمرة تعاون فني رفيع المستوى جمع قمتين في مجاليهما: الشاعر الدكتور مكي الشامي، والفنان الدكتور أحمد يوسف. لم تكن الأغنية مجرد عمل عابر، بل مثلت لقاءً فنياً يجسد عمق الكلمة وقوة الأداء، مقدماً للجمهور عملاً يلامس أوتار الشجن الإنساني.
الكلمة: إحساس الشاعر وخبرة الدكتورمكي
يأتي نص الأغنية من قلم الدكتور مكي الشامي، المعروف بأسلوبه الشعري الرصين الذي يجمع بين سهولة العبارة وعمق المعنى. في "لاتغيب عني وتروح"، ينسج الشامي أبياتاً تعبر عن أصدق مشاعر الخوف من الفراق والتمسك بالحب، مستخدماً لغة تخاطب الوجدان مباشرة. الكلمات جاءت حافلة بالصور الشاعرية التي تجعل المستمع يعيش حالة الشوق واللهفة، وهو ما يؤكد على قدرة الشاعر على تحويل الإحساس اليومي إلى نص خالد.
اللحن والأداء: بصمة الفنان وعمق الصوت
أما الأداء والتوزيع الموسيقي، فقد حمل بصمة الفنان الدكتور أحمد يوسف، الذي لم يكتفِ بغناء الكلمات بإحساس عالٍ، بل شارك في صياغة اللحن ليخدم النص تماماً. تميز اللحن بالرقة والكلاسيكية، مبتعداً عن الضجيج الموسيقي، ومرتكزاً على إبراز جمالية صوت يوسف وقدرته على التعبير عن طبقات الحزن والأمل في آن واحد. صوت الدكتور يوسف، الذي يتمتع بخامة دافئة ومتمكنة، كان خير معبر عن شجن كلمات الشامي، ليقدم أداءً يجمع بين الإتقان الأكاديمي والصدق العاطفي.
لماذا هذا التعاون مميز؟
إن اجتماع اسمين كبيران في عمل فني واحد ليس أمراً اعتيادياً، بل هو تأكيد على أن الفن الراقي يحتاج إلى وعي وثقافة وعمق معرفي. يمثل هذا العمل رسالة بأن الفن الجاد ما زال له محبوه ومبدعوه، وأن التزاوج بين الأدب والموسيقى ينتج إبداعات تصمد أمام الزمن. لقد شكلت أغنية "لاتغيب عني وتروح" جسراً بين الشعر الرصين والأداء المؤثر، ليثبت أن الشجن إذا ما صيغ بحرفية، يصبح فناً خالداً.
من المتوقع أن هذه الأغنية الجديدة ستكون الأكثر استماعاً، ليس لمجرد الترويج، بل لقيمتها الفنية التي تلامس المستمع الباحث عن العمق في زمن السرعة. إنها دعوة للإنصات إلى جمال الكلمة وهدوء وسحر اللحن، وشهادة على استمرار الإبداع الفني الراقي.
نتمنى للشاعر والفنان كل التوفيق والنجاح في مسيرتهما الإبداعية، وندعو الله أن تكلل جهودهما بالمزيد من التألق والتميز.
بقلم : عبدالله الغامدي / فنان عازف قانون
